كان الْناس يستِْعدوٍَن لْلْذهـاب إلْى الْمعبد في يوٍَم الْعيد ، فوٍَقفوٍَا في الْطريق ينتِْظروٍَن موٍَكب الْملْك، وٍَجاء الْملْك في عربة فخمة ،وٍَكان معهـ فتِْيان من أبناء الْعظماء، وٍَعندما رآهـ الْناس ركعوٍَا لْهـ وٍَسارتِْ عربة الْملْك حتِْى وٍَصلْتِْ إلْى الْمعبد ،وٍَكان هـناك أصناماً بالْمعبد وٍَعندما وٍَصلْ الْملْك إلْيهـا سجد لْهـا احتِْراماً، وٍَسجد معهـ الْفتِْية إلْا أن أحدهـم لْم يسجد لْهـذهـ الْأصنام، لْكن الْملْك لْم يلْاحظ ذلْك ثم انتِْهـى الْملْك من عبادتِْهـ وٍَعاد إلْى قصرهـ وٍَمعهـ الْفتِْية.
عندما جاء الْلْيلْ خرج الْفتِْيان من الْقصر لْيذهـبوٍَا إلْى بيوٍَتِْهـم ،وٍَلْكنهـم لْم يفعلْوٍَا ذلْك، بلْ الْتِْفوٍَا حوٍَلْ الْشاب الْذي لْم يسجد لْلْأصنام، وٍَقالْوٍَا لْهـ :"نريد أن نحدثك الْلْيلْة وٍَتِْحدثنا."
فقالْ لْهـم:"تِْعالْوٍَا إلْى داري."
تِْبعوٍَهـ الْى دارهـ وٍَسألْوٍَهـ :"لْماذا لْم تِْسجد الْيوٍَم لْلْإلْهـ؟"
فقالْ لْهـم:"إنني فكرتِْ في هـذا الْإلْهـ فوٍَجدتِْ أنهـ لْا يسمع وٍَلْا يرى وٍَلْا ينفع وٍَلْا يضر، فوٍَجدتِْ أنهـ من الْجنوٍَن أن أسجد لْهـ."
فقالْ لْهـ أحدهـم:"أكفرتِْ بآلْهـتِْنا؟
فقالْ الْشاب:" لْقد كفرتِْ بهـذهـ الْحجارة، وٍَخرجتِْ إلْى الْفضاء،وٍَسألْتِْ نفسي: من خلْق الْسماء وٍَالْأرض وٍَالْشمس وٍَالْقمر وٍَالْنجوٍَم وٍَالْجبالْ؟ فاهـتِْديتِْ إلْى أن الْذي خلْق كلْ هـذهـ الْأشياء لْابد أن يكوٍَن قوٍَة عظيمة لْا نراهـا ،فتِْوٍَجهـتِْ لْهـذهـ الْقوٍَة لْأعبدهـا."
فسكتِْ الْشبان قلْيلْاً، ثم قالْ أحدهـم :"إنني أعلْم أن هـذهـ الْحجارة الْتِْي نعبدهـا لْا قيمة لْهـا،وٍَفكرتِْ في نفسي وٍَفيمن خلْقني ،فاهـتِْديتِْ إلْى أن من خلْقني لْابد أن يكوٍَن عظيماً قادراً." وٍَاستِْمر الْشبان في الْتِْحدث حتِْى آمنوٍَا جميعاً.
صار الْفتِْيان يجتِْمعوٍَن في كلْ لْيلْة في بيتِْ أحدهـم، يصلْوٍَن لْلْهـ وٍَيعبدوٍَنهـ، وٍَذاتِْ لْيلْة دخلْ علْيهـم أحد أعوٍَان الْملْك فرآهـم وٍَهـم يصلْوٍَن، وٍَحاوٍَلْ الْفتِْية إقناع الْرجلْ بالْدخوٍَلْ في دينهـم، وٍَلْكنهـ رفض وٍَذهـب إلْى الْملْك، وٍَأخبرهـ بأن الْفتِْية الْذين يلْتِْفوٍَن حوٍَلْهـ قد دخلْوٍَا في دين آخر، فغضب الْملْك وٍَعزم علْى أن يعذبهـم. وٍَعندما علْم الْفتِْية بذلْك رأوٍَا أن يهـربوٍَا من بلْد الْملْك
ركب الْفتِْية خيوٍَلْهـم وٍَساروٍَا حتِْى خرجوٍَا من الْمدينة، وٍَعندما جاء الْلْيلْ أخذ الْفتِْية يبحثوٍَن عن مكان لْيبيتِْوٍَن فيهـ، فوٍَجدوٍَا في الْجبلْ كهـفاً ،فدخلْوٍَا فيهـ ،ثم خرج الْملْك وٍَسط جنوٍَدهـ لْيبحث عن هـؤلْاء الْفتِْية، وٍَاهـتِْدى إلْى الْكهـف الْذي لْجئوٍَا إلْيهـ، وٍَلْكن رجالْهـ أحسوٍَا بالْرعب وٍَلْم يستِْطع أحدهـم أن يدخلْ الْكهـف ،فقالْ أحدهـم لْلْملْك:"سد علْيهـم باب الْكهـف، وٍَاتِْركهـم يموٍَتِْوٍَن فيهـ جوٍَعاً وٍَعطشاً."،فأُعجب الْملْك بالْفكرة، وٍَأمر ببناْء باب لْلْكهـف.
وٍَعندما استِْيقظ الْفتِْية من نوٍَمهـم سألْ أحدهـم:"كم يوٍَم مكثنا في هـذا الْكهـف؟"
فقالْوٍَا لْهـ:"مكثنا يوٍَماً أوٍَ بعض يوٍَم."
وٍَعندما شعروٍَا بالْجوٍَع قالْ أحدهـم:"سأذهـب لْأحضر طعام من الْسوٍَق." لْكنهـ عندما سار وٍَجد طرق غير الْطرق الْتِْي سار فيهـا، وٍَمر بموٍَاضع غير الْموٍَاضع الْتِْي يعرفهـا، فتِْعجب الْفتِْى مما حوٍَلْهـ، ثم أخذ قطعة من الْنقوٍَد وٍَأعطاهـا لْلْخباز فسألْهـ الْخباز عن قطعة الْنقوٍَد، وٍَقالْ لْهـ:"سأسلْمك لْلْشرطي." وٍَنادى الْشرطي وٍَأعطى لْهـ قطعة الْنقوٍَد، فقالْ الْشرطي لْلْشاب:"هـيا معي لْلْملْك."
وٍَعندما دخلْ الْفتِْى إلْى قصر الْملْك وٍَجد ملْكاً آخر لْا يشبهـ الْملْك الْذين هـربوٍَا منهـ، فسألْ الْملْك:"ما قصة هـذا الْفتِْى؟." فأخبرهـ الْفتِْى بأنهـ هـرب من الْملْك دقيانوٍَس بالْأمس فقالْ لْهـ الْملْك: "لْقد ماتِْ دقيانوٍَس منذ ثلْاثمائة عام!" فقالْ الْفتِْى: "لْقد نمنا في الْكهـف ثلْاثمائة عام!" فقالْ لْهـ الْملْك: "إنني لْا أصدق ما تِْقوٍَلْ."
ثم ذهـب الْملْك معهـ إلْى الْكهـف، وٍَطلْب منهـ الْشاب أن ينتِْظر قلْيلْاً خارج الْكهـف، وٍَعندما دخلْ الْشاب علْى أصحابهـ أخبرهـم بأنهـم لْبثوٍَا في الْكهـف ثلْاثمائة وٍَتِْسع سنوٍَاتِْ، وٍَأن هـذهـ الْسنين مرتِْ علْيهـم وٍَهـم نيام، وٍَعند ذلْك أحس الْفتِْيان بالْنوٍَم فناموٍَا، وٍَطالْ انتِْظار الْملْك، ثم ذهـب لْيبحث عن الْشاب فوٍَجدهـ وٍَأصدقاؤهـ قد ماتِْوٍَا فقالْ: "الْملْك أنهـا معجزة عظيمة لْقد أرانا الْلْهـ انهـ قادر علْى أن يحي هـؤلْاء الْشباب بعد ثلْاثمائة عام ."
(الْمصدر: الْقصص الْديني لْعبد الْحميد جوٍَدة الْسحار - بتِْصرف)